برشلونة يعلن: باريس سان جيرمان في مونتجويك والعودة للبيت الأصلي تتأجل مرة أخرى
نود إعلامكم بأننا نعتمد حالياً على الصور المجانية بشكل مؤقت، وذلك إلى حين الحصول على الموافقات الرسمية المتعلقة برخص استخدام صور الفرق واللاعبين من الجهات المختصة. شاكرين لكم تفهّمكم.

برشلونة يعلن: باريس سان جيرمان في مونتجويك والعودة للبيت الأصلي تتأجل مرة أخرى

الحلم المؤجل: عندما تصطدم الطموحات بالواقع المرير

في إعلان رسمي حمل نبرة الاعتذار أكثر من الفخر، أكد نادي برشلونة أن مواجهة باريس سان جيرمان الحاسمة في دوري أبطال أوروبا ستقام في ملعب مونتجويك الأولمبي، وليس في الكامب نو كما كان يحلم الملايين من عشاق البارسا حول العالم. هذا القرار يأتي كضربة جديدة لآمال العودة السريعة للبيت التاريخي للنادي، والذي تحول من مشروع طموح إلى كابوس لوجستي يؤرق إدارة النادي منذ أكثر من عامين.

مشروع المليار ونصف يورو يواجه تحديات جديدة وتأخيراً حتى سبتمبر 2026.

برشلونة أغلق أكبر ملعب في أوروبا للتجديدات في مايو 2023، وكان من المفترض العودة خلال 18 شهراً، لكنهم ما زالوا لا يعرفون متى سيعودون. هذا التأخير المستمر يكشف عن حجم التحديات التي تواجه أحد أكبر المشاريع الرياضية في التاريخ الحديث.

الإعلان الرسمي جاء بعد أسابيع من التكهنات والشائعات، حيث تابع الجماهير بقلق متزايد تطورات الوضع. “يعلن برشلونة أن المباراة الثانية في دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا أمام بي إس جي ستقام في ملعب لويس كومبانيس الأولمبي”، هكذا بدأ البيان الذي حمل خيبة أمل واضحة رغم محاولات إخفائها وراء الكلمات الدبلوماسية.

مشروع المليار ونصف: عندما تتحول الأحلام إلى كوابيس لوجستية

مشروع تطوير الكامب نو الذي تبلغ تكلفته 1.5 مليار يورو بدأ منذ يونيو 2023، لكن الملعب ما زال محظوراً للاستخدام. هذا المبلغ الضخم، الذي يعادل تقريباً ميزانية دولة صغيرة، يعكس حجم الطموحات التي وضعها النادي لإنشاء ملعب المستقبل.

موعد إعادة الافتتاح الآن من المحتمل أن يُؤجل إلى سبتمبر 2025 بدلاً من مارس 2025 المخطط له سابقاً. المشروع الذي كان من المتوقع افتتاحه في نوفمبر 2024، واجه تحديات، بما في ذلك مشاكل في تركيب أرضية الملعب التي تحتاج ثلاثة أشهر للنمو.

هذه التأخيرات المستمرة ليست مجرد مشاكل تقنية، بل تعكس تعقيدات مشروع بهذا الحجم. التحديات تتراوح من الحصول على التراخيص الحكومية اللازمة، مروراً بالمشاكل التقنية في البناء، وصولاً إلى التحديات المالية التي تواجه النادي.

الانتهاء النهائي من جميع التجديدات مجدول ليونيو 2026، رغم أن النادي يتوقع العودة في سبتمبر 2025، لكن بسعة مخفضة. هذا يعني أن برشلونة سيضطر للعيش مع حلول مؤقتة لسنوات أخرى قادمة.

مونتجويك : البيت المؤقت الذي أصبح دائماً

ملعب مونتجويك الأولمبي، الذي استضاف أولمبياد برشلونة 1992، تحول من حل مؤقت إلى بيت ثانوي شبه دائم لبرشلونة. هذا الملعب العريق، الواقع على تلة مونتجويك المطلة على المدينة، شهد بعض أفضل لحظات برشلونة في الموسم الماضي، لكنه يبقى بديلاً مؤقتاً لا يمكن مقارنته بالكامب نو الأسطوري.

النادي بدأ بالفعل في تحضير الملعب لاستقبال مباراة بي إس جي، حيث بدأت أعمال تركيب العشب هذا الأسبوع، إلى جانب تحضيرات أخرى لضمان جاهزية الملعب للمواجهة الأوروبية المهمة. هذه الاستعدادات تتطلب وقتاً وجهداً كبيرين، مما يؤكد أن قرار اللعب في مونتجويك لم يكن خياراً سهلاً.

السعة المحدودة لمونتجويك ، التي تبلغ حوالي 55 ألف متفرج، تبقى أقل بكثير من السعة المخططة للكامب نو الجديد، مما يعني فقدان إيرادات كبيرة للنادي. هذا الفقدان المالي يتراكم مع كل مباراة، مما يضاعف الضغوط الاقتصادية على النادي.

التحدي الأكبر: شروط اليويفا وحلم الملعبين

أحد أكثر الجوانب تعقيداً في هذه القضية هو طلب برشلونة من اليويفا للعب في ملعبين مختلفين خلال نفس البطولة. النادي طلب رسمياً من اليويفا السماح له بالبدء في مونتجويك ، ثم الانتقال للكامب نو عندما يصبح جاهزاً. هذا الطلب غير المسبوق يضع اليويفا في موقف صعب.

اليويفا توفر بعض المرونة، لكن أي تغييرات في الملعب ستُنظر فيها فقط بين دور المجموعات ودور خروج المغلوب. هذا يقيد برشلونة بملعب لويس كومبانيس الأولمبي لبقية مباريات 2025 الأوروبية.

السبب وراء هذا التعقيد هو رغبة اليويفا في منع الفرق من استغلال تغيير الملاعب للحصول على ميزة تنافسية غير عادلة. قوانين اليويفا وُضعت أساساً لمنع الفرق من التلاعب بظروف اللعب لصالحها أمام خصوم محددين، سواء من خلال حالة العشب أو سعة الملعب المختلفة.

برشلونة يحاول إقناع اليويفا بأن طلبه لا يهدف لأي ميزة رياضية، بل هو ضرورة حتمية بسبب تأخر الأعمال. هذا النهج الدبلوماسي قد يكون المفتاح للحصول على موافقة القارة العجوز، خاصة أن النادي يؤكد أن التغيير مؤقت وضروري.

الثمن المالي الباهظ: خسائر متراكمة بالملايين

التأخير المستمر في تجديد الملعب منع النادي من الحصول على التراخيص اللازمة من مجلس المدينة. رغم أن العودة للملعب كانت مُقررة في 29 نوفمبر 2024، الجدول الزمني يبقى غير واضح.

هذا التأخير لا يكلف برشلونة فقط من الناحية اللوجستية، بل يضرب الناد مالياً بشدة. كل مباراة تُلعب خارج الكامب نو تعني فقدان إيرادات ضخمة من بيع التذاكر، المأكولات، والهدايا التذكارية. هذه الخسائر المتراكمة تقدر بعشرات الملايين من اليوروهات سنوياً.

بالإضافة إلى الخسائر المباشرة، هناك تكاليف إضافية لتحضير ملعب مونتجويك (مونتخويك) لكل مباراة مهمة، بما في ذلك تكاليف النقل، التحضير، والصيانة. هذه التكاليف الإضافية تتراكم لتصبح عبئاً مالياً إضافياً على النادي الذي يعاني أصلاً من ضغوط مالية.

الأمر الأكثر إيلاماً هو تأثير هذا التأخير على العلاقة مع الشركاء التجاريين، خاصة سبوتيفاي التي دفعت مبلغاً ضخماً للحصول على حقوق تسمية الملعب، لكنها لم تحصل بعد على القيمة الكاملة لهذا الاستثمار.

الجماهير والصبر المنفد: عندما يصطدم الحب بالإحباط

أكثر ما يؤلم في هذه القضية هو تأثيرها على جماهير برشلونة المتفانية. النادي أقر في بيانه الرسمي: “برشلونة يشكر أعضاءه ومشجعيه على التفهم والدعم في عملية مثيرة مثل العودة لسبوتيفاي كامب نو”. هذه العبارات تحمل اعتذاراً ضمنياً عن التأخير المستمر.

الجماهير التي اشترت اشتراكات موسمية للعب في الكامب نو وجدت نفسها مضطرة لتحمل الانتظار لسنة أخرى على الأقل. النادي حاول تخفيف الإحباط بمنح الـ16,151 مشترك في مونتجويك لموسمي 2023/24 و2024/25 أولوية شراء تذاكر لمدة 24 ساعة، لكن هذا لا يعوض خيبة الأمل العميقة.

الوضع أكثر تعقيداً للجماهير القادمة من خارج برشلونة، الذين خططوا لزيارة الكامب نو الجديد لكنهم وجدوا أنفسهم مضطرين لتأجيل خططهم مرة أخرى. هؤلاء المشجعين استثمروا في رحلات وحجوزات فندقية، لكن التأخير المستمر يكلفهم مالياً وعاطفياً.

المنافسة الأوروبية في ظل التحديات

مواجهة بي إس جي في الأول من أكتوبر ستكون اختباراً مزدوجاً لبرشلونة. من ناحية، سيحتاج الفريق للتعامل مع ضغط المواجهة ضد أحد أقوى الفرق الأوروبية. من ناحية أخرى، سيلعب في ملعب مونتجويك الذي، رغم الألفة معه، يبقى أقل من طموحات مباراة بهذا المستوى.

الجانب الإيجابي الوحيد هو أن برشلونة تأقلم جيداً مع ملعب مونتجويك خلال الموسم الماضي، حيث حقق نتائج مبهرة وقدم عروضاً مميزة. اللاعبون يعرفون خصائص الملعب، والجماهير تعودت على الأجواء، مما قد يخفف من تأثير اللعب خارج البيت الأصلي.

لكن مواجهة بي إس جي لويس إنريكي، المدرب السابق لبرشلونة، ستكون محملة بالعواطف والذكريات. إنريكي يعرف النادي والمدينة جيداً، مما يضيف بُعداً تكتيكياً ونفسياً إضافياً للمواجهة.

نظرة للمستقبل: الكامب نو الجديد كما نحلم به

رغم كل التحديات والتأخيرات، يبقى مشروع الكامب نو الجديد واحداً من أكثر المشاريع الرياضية طموحاً في العالم. الملعب المكتمل سيضم حوالي 105 آلاف مقعد، مما يجعله الأكبر في أوروبا، مع تقنيات متطورة وتجربة مشاهدة لا مثيل لها.

التصميم الجديد يشمل سقفاً قابلاً للطي، شاشات عملاقة بدقة عالية، وأنظمة صوتية متطورة. بالإضافة إلى ذلك، سيشمل المجمع مساحات تجارية ومطاعم وفنادق، مما يجعله وجهة سياحية ورياضية متكاملة.

هذه الرؤية الطموحة تبرر جزئياً التأخيرات الحالية، فالنادي لا يريد الاستعجال على حساب الجودة. الهدف هو إنشاء ملعب يصمد لعقود قادمة ويضع معايير جديدة للملاعب الرياضية حول العالم.