النجم النرويجي يتحول لناقد لاذع رغم رصيده الخرافي
الوجه العابس لإيرلينج هالاند قال كل شيء. في ليلة كان يفترض أن تكون احتفالية بعد تسجيله هدفين جديدين في دوري الأبطال، رفض مهاجم مانشستر سيتي حتى محاولة الابتسام الزائف عند التقاط الصورة التقليدية لرجل المباراة عقب التعادل 2-2 أمام موناكو.
التعبيرات كانت صادمة: عيون محبطة، ملامح متوترة، وجه يعكس الألم أكثر من الفخر. الصورة انتشرت كالنار في الهشيم على منصات التواصل الاجتماعي، مذكّرة الجميع بلحظة مماثلة عاشها كاي هافيرتز خلال كأس العالم 2022 عندما تسلم جائزة رجل المباراة بعد فوز ألمانيا 4-2 على كوستاريكا – الانتصار الذي لم يمنع إقصاء المانشافت من الدور الأول.
“لم أنهِ المباراة، إذن فشلت”
الكلمات كانت أقسى من الصورة. رغم أن هالاند رفع رصيده إلى 52 هدفًا في 50 مباراة فقط بدوري الأبطال – معدل أسطوري يضعه في مسار تحطيم كل الأرقام القياسية – إلا أن تقييمه الذاتي كان قاسيًا بلا رحمة.
“في الشوط الأول أنجزت مهمتي، في الثاني لم أفعل”، قالها ببرود أمام كاميرات TNT Sport
. وعندما سُئل إن كان متأكدًا من هذا التقييم القاسي، أجاب بحدّة: “بالطبع لا. لم أسجل المزيد من الأهداف لحسم النتيجة، لذا الإجابة واضحة: لا”.
هذا النوع من النقد الذاتي نادر في عالم كرة القدم الحديث، حيث يميل اللاعبون عادة للتركيز على الإيجابيات حتى في الهزائم. لكن هالاند ينتمي لمدرسة مختلفة: الأرقام الشخصية لا قيمة لها بدون انتصار الفريق.
غوارديولا يرى الكأس نصف الممتلئ، هالاند يرى الفراغ
بينما اختار بيب غوارديولا اللغة الدبلوماسية، واصفًا أداء فريقه بـ “جيد حقًا” ومؤكدًا أن الفريق “يتحسن خطوة بخطوة”، رفض هالاند هذه المواساة تمامًا.
“ارتكبنا أخطاء غير ضرورية في الشوط الثاني. لا أعتقد أننا لعبنا بمستوى كافٍ، لم نستحق الفوز”، قالها بصراحة مؤلمة. التشخيص؟ “الطاقة. نحتاج المزيد من الطاقة”.
هذا التناقض في التصريحات يعكس فلسفتين مختلفتين: غوارديولا يحاول بناء الثقة والحفاظ على معنويات المجموعة، بينما هالاند يؤمن بأن الصراحة القاسية هي الطريق للتطور.
نمط متكرر: الأهداف المتأخرة تطارد السيتيزنز
المشكلة ليست عابرة. للمرة الثالثة في أسابيع قليلة، يتلقى مانشستر سيتي ضربة قاتلة في الدقائق الأخيرة:
- برايتون (1-2): هدف متأخر حوّل الفوز لهزيمة مذلة
- أرسنال (1-1): تعادل في اللحظات الأخيرة أضاع نقطتين ثمينتين
- موناكو (2-2): ركلة جزاء في الدقيقة 90 حرمتهم من انتصار مستحق
السيناريو في موناكو كان مؤلمًا بشكل خاص. البديل نيكو، الذي دخل لحماية النتيجة، تسبب في ضربة الجزاء بتدخل متهور برفع قدمه بشكل خطير في وجه إريك دير. ركلة جزاء واضحة نفذها المدافع الألماني السابق لبايرن ميونخ ببرودة أعصاب تامة.
لا أعذار: حتى الحكم لم ينجُ من الصدق
غوارديولا حاول اللعب بورقة التحكيم، مُلمحًا لعدم رضاه عن قرار الحكم الإسباني خيسوس خيل مانزانو بعبارته الساخرة: “ليس لدي ما أقوله عن الحكام الإسبان”.
لكن هالاند رفض حتى هذه الذريعة الجاهزة. “عندما تضرب شخصًا في وجهه، فهذه بالتأكيد ركلة جزاء”، قالها بنبرة لا تحتمل النقاش. اعتراف نادر يعكس نزاهة رياضية في عصر يميل فيه اللاعبون للوم الحكام على كل شيء.
القرار جاء بعد مراجعة تقنية الـ VAR
، وكان صحيحًا 100%. نيكو ارتكب خطأً فادحًا، ودير لم يُضِع الفرصة. بساطة مؤلمة.
الأرقام تصرخ: سيتي يعتمد على هالاند بشكل مخيف
رغم كل الانتقادات الذاتية، الحقيقة الصادمة واضحة: من 14 هدفًا سجلها مانشستر سيتي في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، 8 أهداف تحمل توقيع هالاند. أكثر من 57% من إنتاجية الفريق الهجومية تعتمد على لاعب واحد.
في دوري الأبطال، الصورة ليست أفضل كثيرًا. السيتي حقق 4 نقاط من مباراتين، وضع مقبول لكنه ليس مطمئنًا خاصة بعد الإقصاء المبكر الموسم الماضي في أدوار الـ 16 من بطولة كان يحكمها لسنوات.
مواجهة برينتفورد: اختبار للاستجابة النفسية
يوم الأحد الساعة 17:30 (بتوقيت وسط أوروبا)، سيختبر السيتيزنز قدرتهم على تجاوز الإحباط عندما يواجهون برينتفورد في الدوري الإنجليزي الممتاز
. المهمة واضحة: الحفاظ على المطاردة لليفربول وأرسنال المتصدرين.
بدون هالاند، كانت الفجوة ستتسع منذ زمن بعيد. النرويجي ليس مجرد هداف، بل شريان الحياة الهجومي للفريق. لكن اعتماد سيتي المفرط عليه يطرح سؤالًا خطيرًا: ماذا سيحدث لو توقف هذا المحرك الهجومي عن العمل؟
ظاهرة نفسية: عندما يكون النجاح غير كافٍ
صورة هالاند الغاضبة تعكس حالة نفسية معقدة يعيشها اللاعبون في القمة. عندما تصبح المعايير مرتفعة جدًا، يتحول الإنجاز العادي إلى فشل. 52 هدفًا في 50 مباراة أوروبية – رقم يحلم به 99% من المهاجمين – لكنه لا يكفي لإرضاء هالاند نفسه.
هذه العقلية سلاح ذو حدين: تدفع اللاعب للتطور المستمر، لكنها قد تخلق ضغطًا نفسيًا هائلاً. مقارنة لحظة هالاند بموقف هافيرتز في المونديال ليست عشوائية – كلاهما يعكس صراعًا بين الإنجاز الفردي والفشل الجماعي.
الفارق أن موسم سيتي لا يزال في بدايته، والفرص متاحة لتصحيح المسار. لكن كلمات هالاند تحمل تحذيرًا واضحًا: الطاقة، الجوع، الرغبة في الفوز – هذه العناصر يجب أن تكون موجودة في كل دقيقة، وإلا فإن الموهبة وحدها لن تكفي.
مانشستر سيتي يملك أفضل مهاجم في العالم، لكنه يحتاج فريقًا يضاهيه شراسة وعطشًا للانتصارات. هذا ما يطالب به هالاند بوضوح، وهذا ما سيحدد مصير الموسم.