عودة إيمريك لابورت: يكمل أحجية أتلتيك بيلباو

عودة إيمريك لابورت: يكمل أحجية أتلتيك بيلباو

عودة لابورت إلى بيلباو: استثمار بـ10 ملايين يورو لتحقيق حلم دوري الأبطال

صفقة لم يكن أحد يتوقعها قبل شهرين. إيمريك لابورت، المدافع الذي غادر أتلتيك بيلباو عام 2017 بـ65 مليون يورو لمانشستر سيتي، يعود الآن إلى سان ماميس في واحدة من أعقد العمليات التي شهدها النادي الباسكي. ليست مجرد إعارة عادية، بل استثمار حقيقي في طموح أوروبي واضح.

التوقيت المثالي… والضرورة الملحة

ثلاث انتصارات متتالية في انطلاقة الليجا، وحالة نشوة تعم سان ماميس. لكن خلف هذه البداية المثالية، كانت هناك أزمة حقيقية في الدفاع تحتاج حلاً عاجلاً. إيقاف يراي بعد نتيجة إيجابية في اختبار المنشطات خلال الدوري الأوروبي الماضي، ثم الإصابة الخطيرة في ركبة الشاب إيجيلوث – وضع فالفيردي في موقف لا يُحسد عليه.

الاعتماد على دي لويس كحل مؤقت؟ ممكن، لكن غير كافٍ لفريق يستعد لدوري الأبطال. فالفيردي رفض فكرة أوناي نونيث المُعار من سيلتا (الذي انتهى به المطاف في هيلاس فيرونا)، وكان واضحاً أنه يريد مدافعاً من العيار الثقيل. لابورت كان الاسم المثالي، لكن إقناع النصر السعودي بالتخلي عنه؟ ذلك كان التحدي الأكبر.

مفاوضات مرهقة مع الذهب السعودي

شهران كاملان من المفاوضات المتواصلة. النصر كان منفتحاً على فكرة رحيل لابورت، خاصة بعد التعاقد مع إينيجو مارتينيث كبديل جاهز. خورخي خيسوس، مدرب الفريق، فتح الباب منذ الصيف. لكن المشكلة لم تكن في الموافقة المبدئية، بل في المال.

لابورت يتقاضى 25 مليون يورو صافية سنوياً في عقد لثلاث سنوات – رقم فلكي بكل المقاييس. فسخ هذا العقد يعني تعويض اللاعب عن الجزء المتبقي من راتبه. هنا اضطر إيبايغاني، رئيس مجلس إدارة أتلتيك، للتدخل شخصياً. القرار كان صعباً: دفع حوالي 10 ملايين يورو كتعويض جزئي لفسخ العقد.

مبلغ ضخم لنادٍ معروف بانضباطه المالي، لكنه كان الثمن الوحيد لإتمام الصفقة. أتلتيك لم يتوقف عند هذا الحد – وضع لابورت أيضاً في قمة السلم المالي للفريق براتب سنوي يقارب 7 ملايين يورو. رقم أقل بكثير مما كان في السعودية، لكنه الأعلى في غرفة ملابس بيلباو.

استثمار أم مغامرة؟

البعض انتقد هذا الإنفاق واعتبره مبالغاً فيه. لكن الرؤية أوسع من ذلك. دوري الأبطال يحمل عوائد مالية هائلة، والنجاح فيه قد يعوض كل ما أُنفق وأكثر. وضع لابورت على رأس الهرم المالي ليس فقط تقديراً لإمكانياته، بل رسالة واضحة للسوق الأوروبية: أتلتيك بيلباو عاد للمنافسة بجدية.

المنطق بسيط – فريق يريد التواجد في دوري الأبطال يحتاج لاعبين بمستوى دوري الأبطال. لابورت، الذي رفع ألقاباً مع مانشستر سيتي وخاض أقوى المنافسات، يحمل هذه الخبرة التي يفتقدها الفريق.

التحدي الحقيقي: العودة للإيقاع

المشكلة الآن ليست مالية، بل بدنية. لابورت لم يلعب مباراة رسمية منذ أبريل الماضي – توقف طويل قد يحتاج وقتاً للتعافي منه. لكن فالفيردي يراه فرصة لإعداد اللاعب وفق خططه التكتيكية بدون ضغوط فورية.

المنافسة في الدفاع شرسة حالياً. فيفيان وباريديس يقدمان مستوى ممتاز، ما يعني أن لابورت سيحتاج للقتال على مكانه. هذا التنافس الداخلي قد يكون أفضل ما حدث للفريق – الجميع سيُجبر على تقديم أفضل ما لديه.

من ليزاما إلى العالم… ثم العودة

قصة لابورت مع بيلباو بدأت عام 2010 عندما وصل من أفيرون بايونيس الفرنسي وعمره 16 عاماً فقط. المولود في آجين ترك فرنسا للانضمام لأكاديمية ليزاما الشهيرة، ولم يحتاج سوى عامين للوصول إلى الفريق الأول.

موسم 2013-14 تحت قيادة فالفيردي كان نقطة التحول. من موهبة واعدة إلى عمود أساسي في الدفاع، مع ذكاء تكتيكي مميز وقدرة على بناء الهجمات من الخلف. الأداء لفت أنظار برشلونة وبايرن ميونيخ، لكن مانشستر سيتي كان الأسرع – دفع 65 مليون يورو عام 2017، رقم قياسي لمدافع وقتها.

في مانشستر، أصبح ركيزة أساسية ورفع ألقاباً متعددة. ثم جاءت المغامرة السعودية بعقدها الخيالي. لكن الآن، بعد سبع سنوات من الرحيل، يعود وهو في أوج نضجه (30 عاماً)، مع عائلة مستقرة مالياً ورغبة حقيقية في الاستمتاع بكرة القدم مجدداً.

كأس العالم 2026 في الأفق

لابورت لديه دافع إضافي – العودة لمنتخب إسبانيا. المشاركة المنتظمة في مباريات عالية المستوى، خاصة في دوري الأبطال، هي الطريق الأمثل لتحقيق هذا الهدف. بدون وقت لعب، يصعب إقناع المدرب الوطني. لكن مع أتلتيك، سيحصل على المنصة المناسبة.

النادي الباسكي يبني مشروعاً طموحاً – تجديد نيكو ويليامز، وصول روبرت نافارو، ضم خيسوس أريسو، والآن لابورت. فريق متكامل على الورق، يحتاج فقط للإثبات في الملعب. فالفيردي يملك الآن عمقاً حقيقياً في كل خط.

هل كان دفع 10 ملايين لفسخ عقد لابورت مع النصر قراراً صائباً؟ الأشهر المقبلة ستجيب. لكن شيء واحد مؤكد: أتلتيك بيلباو لم يعد يكتفي بالمشاركة في دوري الأبطال – يريد المنافسة فيه بجدية.