عندما يصطدم الكلاسيكو بالكرة الذهبية: فوضى إدارية بامتياز.
الاثنين 22 سبتمبر، الساعة الثامنة مساءً. توقيت واحد، حدثان كبيران، وفوضى إدارية لا تُصدق. مباراة مارسيليا وباريس سان جيرمان تتزامن تماماً مع حفل توزيع الكرة الذهبية في مسرح شاتلي بباريس. تسعة لاعبين من باريس مرشحون للجائزة، وجميعهم سيكونون على المستطيل الأخضر بدلاً من السجادة الحمراء.
كيف وصلنا لهذا المأزق؟ سوء الأحوال الجوية أجّل المباراة من الأحد إلى الاثنين، ومارسيليا – صاحب الأرض وفق اللوائح – اختار التوقيت الذي يناسبه خلال 24 ساعة. النتيجة؟ كارثة دبلوماسية ورياضية بكل المقاييس.
تسعة نجوم خارج الحفل
أشرف حكيمي يتصدر القائمة. الظهير المغربي أنهى موسماً استثنائياً بـ55 مباراة، 11 هدفاً، و16 تمريرة حاسمة. حصل على جائزة أفضل لاعب أفريقي في الدوري الفرنسي، ويُعتبر ديموقراطياً – بالأرقام المجردة – الأوفر حظاً بين زملائه الباريسيين.
عثمان ديمبلي يأتي في المرتبة الثانية، مدعوماً بقوة من إدارة النادي والإعلام الفرنسي. الفضائح الأخيرة حول ضخ أموال كبيرة لمؤثرين وصحفيين للترويج لديمبلي أثارت جدلاً واسعاً، لكن الدعم الرسمي لا يزال قوياً. الفرنسي قد يمنح بلاده أول كرة ذهبية منذ كريم بنزيمة، لكنه الآن سيشاهد الحفل على التلفزيون.
القائمة تطول: ديزيري دوي، فيتينيا، جواو نيفيس، نونو منديس، فابيان رويز، وخفيتشا كفاراتسخيليا. تسعة من أصل ثلاثين مرشحاً – 30% من الإجمالي – كلهم سيغيبون عن الحفل بسبب قرار إداري كان يمكن تفاديه.
مارسيليا يرفض، باريس يتأزم
باريس حاول الحل الوسط. اقترح النادي تقديم موعد المباراة إلى الثالثة أو الخامسة عصراً، ما يتيح للاعبين حضور الحفل مساءً. مارسيليا رفض بشكل قاطع. الأسباب؟ لوجستية وجماهيرية حسب مصادر النادي، لكن البعض يراها تعنتاً لا مبرر له.
رابطة الدوري الفرنسي وجدت نفسها في موقف محرج. الاختيار بين احترام قوانينها الداخلية أو مراعاة التزامات لاعبيها الدولية. النتيجة؟ خسارة على كل الأصعدة.
العام الماضي، أُقيم حفل الكرة الذهبية في اليوم التالي لمباراة الكلاسيكو التي انتهت 3-0 لصالح باريس. الجميع نجا من هذا الإحراج الإداري. هذا الموسم، الفوضى استعادت عرشها.
الخسائر: أكثر من مجرد غياب
الأرقام تتحدث عن خسائر مالية كبيرة. حقوق البث ستتراجع – من يشاهد الكلاسيكو حين يُبث الحفل الأهم في الكرة العالمية؟ الحضور الجماهيري سيتأثر بالتأكيد، والصورة الإعلامية للدوري الفرنسي دولياً تهتز مع كل قرار كهذا.
لكن الخسارة الأكبر معنوية. تسعة لاعبين يفوتون فرصة تاريخية قد لا تتكرر. حكيمي قد لا يحصل على موسم أفضل من هذا، ديمبلي قد يخسر لحظة التتويج الفرنسية. الأضواء العالمية، السجادة الحمراء، اللحظة التي ينتظرها كل لاعب… كلها تذهب أدراج الرياح بسبب سوء تنسيق إداري.
التغطية الإعلامية ستنقسم حتماً. من يغطي المباراة؟ من يتابع الحفل؟ النتيجة جودة متدنية في كلا الحدثين، وفرصة ترويجية ضائعة للدوري الفرنسي في وقت يحاول فيه منافسة الدوريات الأوروبية الكبرى.
ردود الفعل: غضب وانتقادات
الخبراء والإعلاميون لم يتركوا الأمر يمر بسلام. وُصف القرار بـ”الكارثي” و”المخزي”، وطالب البعض بإعادة النظر في هيكل إدارة الرابطة بالكامل. أقلية صغيرة دافعت عن القرار بحجة أن سلامة اللاعبين أهم، لكن الأغلبية ترى فيه فشلاً إدارياً واضحاً.
إدارة باريس قررت أن تعطي الأولوية للمباراة. الجميع سيبقى، لا استثناءات. قرار منطقي من ناحية، لكنه مؤلم من ناحية أخرى. تخيّل حكيمي يشاهد الحفل من غرفة خلع الملابس بعد المباراة، يرى اسم الفائز وهو يعرف أنه كان يستحق الحضور على الأقل.
الحلول؟ متأخرة ومعقدة
التأجيل الإضافي مرفوض لأسباب جدولية. تعديل موعد الحفل غير ممكن – الحجوزات والالتزامات الدولية محسومة منذ أشهر. الحضور الجزئي؟ معقد تنظيمياً ولا يحل المشكلة الأساسية.
البعض اقترح حلولاً طويلة المدى: لجنة طوارئ تضم ممثلين عن الأندية، آليات مرنة للتعامل مع الأحداث الاستثنائية، استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالمشاكل الجدولية. كلها أفكار جيدة، لكنها تأتي متأخرة جداً لإنقاذ الموقف الحالي.
حكيمي: الأرقام تصرخ
55 مباراة، 11 هدفاً، 16 تمريرة حاسمة، وجائزة أفضل لاعب أفريقي في الدوري. الأرقام تضع حكيمي في مقدمة المرشحين الباريسيين ديموقراطياً. لكن الكرة الذهبية ليست ديموقراطية دائماً – الدعم الإعلامي والإداري يلعب دوراً كبيراً.
ديمبلي يملك هذا الدعم بوضوح. الفضائح الأخيرة حول شراء آراء المؤثرين والصحفيين تكشف حجم الاستثمار الباريسي في ترويج المهاجم الفرنسي. هل ستكفي الأرقام لحكيمي أم أن الدعم المؤسساتي سيحسم الأمر لديمبلي؟
الدرس: الإدارة أولاً
فرنسا تملك أفضل لاعبي العالم، لا شك في ذلك. باريس حقق الرباعية التاريخية وفاز بكأس العالم للأندية. المواهب متوفرة، النجوم موجودون، لكن الإدارة تخذلهم في كل مرة.
الإدارة الرياضية الناجحة تحتاج رؤية شاملة وتنسيقاً محكماً، ليس تطبيقاً أعمى للقوانين. مارسيليا طبّق حقه القانوني، لكن على حساب مصلحة الكرة الفرنسية بأكملها. رابطة الدوري لم تتدخل، والنتيجة فوضى شاملة.
الاثنين 22 سبتمبر سيشهد حدثين كبيرين في نفس التوقيت. الخاسر الأكبر؟ ليس باريس أو مارسيليا، بل سمعة الكرة الفرنسية التي تخسر فرصة ذهبية لتسليط الضوء على نجومها أمام العالم.


