الأليانز أرينا احتفل ببطله الجديد بطريقة مثالية. هاري كين قاد بايرن ميونيخ إلى انتصار مستحق 3-1 على تشيلسي في الجولة الافتتاحية لدوري أبطال أوروبا، بثنائية رائعة أكدت مجدداً مكانته كواحد من أخطر المهاجمين في العالم. فينسنت كومباني بدأ رحلته الأوروبية مع البافاري بالطريقة المثلى التي كان يحلم بها.
كومباني أظهر شجاعة تكتيكية واضحة منذ البداية. المدرب البلجيكي الشاب لم يجرِ أي تعديلات تُذكر على التشكيلة التي حققت الفوز الكاسح 5-0 على هامبورغ في الدوري المحلي، وهذا القرار عكس ثقة تامة ومطلقة في مجموعته الموهوبة. الغيابات القليلة بما في ذلك إصابة غوييرو المؤسفة لم تؤثر بشكل كبير على خططه الطموحة للمباراة.
إنزو مارسكا مدرب تشيلسي اتخذ نهجاً مختلفاً تماماً في التعامل مع المواجهة الصعبة. أربعة تغييرات كاملة في التشكيلة الأساسية مقارنة بالتعادل المخيب 2-2 أمام برينتفورد في الدوري الإنجليزي. إدخال غوستو وجيمس وكوكوريا وبالمر كان يهدف بوضوح إلى إضفاء نفس جديد وحيوية أكبر على أداء البلوز المتواضع مؤخراً.
شوط أول متوازن ومثير
الشوط الأول شهد تبادلاً مثيراً للاهتمام بين الفريقين. تشيلسي نجح في البداية في إزعاج بايرن بالضغط المبكر والمنظم، وفرنانديز حصل على أول فرصة حقيقية خطيرة في الدقيقة السابعة فقط، لولا تدخل لايمر البطولي الذي أنقذ الموقف. الفريق الإنجليزي جاء بخطة واضحة المعالم ونية صادقة في المنافسة.
لكن بايرن العملاق لم يحتج وقتاً طويلاً للعثور على إيقاعه المعهود والسيطرة على مجريات اللعب. الهدف الأول جاء في الدقيقة 21 بطريقة طريفة ومفاجئة من كرة حكم. التمريرة الحادة والدقيقة من أوليسي وجدت طريقها إلى شالوبا الذي سجل هدفاً مؤسفاً في مرماه دون قصد. التقدم المبكر رغم عنصر الحظ الواضح فيه كان ثمرة حقيقية للضغط المنتظم والمستمر.
الدقيقة 27 شهدت لحظة كين الأولى المميزة في المباراة. حركة مراوغة ذكية وسريعة حول كايسيدو المدافع القوي، سقوط محسوب استدرج ركلة جزاء صحيحة وواضحة، وتسديدة هادئة واثقة في الزاوية السفلية اليمنى بعيداً عن الحارس. درس مجاني وعملي في فن اللعب الحديث، ولاعب المواقف الكبيرة يؤكد مرة أخرى مكانته الرفيعة.
لكن تشيلسي لم يستسلم أو يفقد الأمل سريعاً. كول بالمر رد بسرعة البرق الخاطفة في الدقيقة 29، بعد دقيقتين فقط من ركلة جزاء كين. الهدف الجميل المحكم كان صفعة قوية ومباشرة للآمال البافارية في الحسم المبكر للمباراة، وتذكيراً قاسياً بأن المواجهة لم تنته بعد وأن المفاجآت ممكنة.
الشوط الثاني شهد تدخلات تكتيكية ذكية من كومباني تعكس خبرته. المدرب البلجيكي استبدل تاه بكيم مباشرة في الدقيقة 46 تجنباً للبطاقة الحمراء المحتملة بعد إنذار سابق. إصابة ستانسيتش المؤسفة في الدقيقة 51 ودخول بوي بديلاً عنه أظهرت بوضوح مرونة النظام التكتيكي الكبيرة وقدرة اللاعبين العالية على التكيف مع الظروف المتغيرة.
مايكل أوليسي تألق بشكل لافت على الجهة اليمنى طوال المباراة. أداؤه المتميز والمؤثر إلى جانب كين أضاف بعداً جديداً وخطيراً لهجمات بايرن المتكررة. تسديدته القوية في الدقيقة 60 لم تصب الهدف للأسف، لكن الحركة التكتيكية المدروسة كانت شاهداً واضحاً على الطابع الهجومي الجميل والجريء.
الدقيقة 63 حملت معها الحسم النهائي والقاطع للمباراة. كين استغل خطأ غوستو الفادح بذكاء المحترفين الكبار وخبرتهم العالية، وسجل هدفه الثاني بهدوء تام ومذهل. ثنائية رائعة ومتكاملة في الدقيقتين 27 و63، وقدرة فذة ونادرة على استغلال أصغر الأخطاء التي يرتكبها الخصوم تحت الضغط.
الدقائق الأخيرة شهدت سيطرة بافارية كاملة ومريحة. بايرن تحكم في الإيقاع بشكل مطلق، وأدار النتيجة المتقدمة بحرفية عالية واحترافية ظاهرة. محاولة تشيلسي الأخيرة واليائسة جاءت في الدقيقة 89 عبر هدف بالمر الجميل، لكن الحكم ألغاه بعد مراجعة دقيقة لتقنية الفيديو المساعدة بسبب وجود تسلل واضح.
الموقف الأخير أضاف المزيد من الدراما والإثارة للمباراة. التكنولوجيا الحديثة أكدت مرة أخرى أهميتها الكبيرة في تحقيق العدالة، وإلغاء الهدف حافظ على النتيجة النهائية 3-1، وأنهى بشكل قاطع آمال تشيلسي الأخيرة في تحقيق نتيجة أفضل أو تقليل الفارق.
انطلاقة قوية لبايرن
الفوز المستحق يمنح بايرن انطلاقة قوية ومثالية في البطولة الأوروبية. كين أكد بعد المباراة على أهمية البداية الجيدة في مسابقة صعبة كدوري الأبطال، والتحديات القادمة الكثيرة ستختبر بالتأكيد قدرة الفريق الحقيقية على المحافظة على هذا المستوى المرتفع. هوفنهايم في الدوري الألماني المحلي ينتظر نهاية الأسبوع، وبافوس القبرصي في 30 سبتمبر المقبل في دوري الأبطال.
تشيلسي من جانبه أظهر شخصية قوية ومحترمة رغم الهزيمة المؤلمة. الفريق الإنجليزي قدم أداءً قتالياً جيداً لا يستهان به، وبالمر أثبت مجدداً خطورته الواضحة كلما حصل على الكرة. مانشستر يونايتد في الدوري الإنجليزي الممتاز ينتظر البلوز، وبنفيكا البرتغالي القوي في دوري الأبطال. الموسم طويل جداً، والإمكانيات الفنية موجودة بالفعل.
بايرن تحت القيادة الجديدة لكومباني أرسل رسالة واضحة وقوية إلى جميع المنافسين: العملاق البافاري عاد بقوة كبيرة، ولديه ما يكفي ويزيد من الطموح والمهارة والجودة لخوض أي تحدٍ مهما كان صعباً. كين في قمة مستواه البدني والفني، والفريق يلعب بانسجام مبهر وجميل يُبشر بموسم استثنائي.
الأليانز أرينا شهدت احتفالاً حقيقياً بالفن الكروي الراقي. التمازج المثالي بين الخبرة الطويلة والشباب المتحمس، الخطط التكتيكية الذكية المدروسة والإبداع الفردي اللافت.


