الأربعاء المقبل، 17 سبتمبر، الساعة السابعة مساءً بتوقيت جرينيتش. الأليانز أرينا في ميونخ يستضيف واحدة من أقوى مواجهات الجولة الافتتاحية لمرحلة الدوري في دوري أبطال أوروبا – بايرن ميونخ ضد تشيلسي. ليست مباراة افتتاحية عادية، بل صدام بين عملاقين أوروبيين يحملان تاريخاً ثقيلاً وطموحات جارفة، لكن بظروف مختلفة تماماً قبل انطلاق المشوار القاري.
بايرن: آلة تسجيل جاهزة للانفجار
العملاق البافاري يدخل هذه المباراة وهو في قمة جاهزيته البدنية والمعنوية. الأداء الأخير أمام هامبورغ في الدوري المحلي كان رسالة واضحة لكل منافسيه في أوروبا – خماسية نظيفة بأداء ساحق لم يترك مجالاً للشك حول قوة هذا الفريق وجاهزيته للموسم الطويل.
هاري كين، الهداف الإنجليزي الذي انضم الموسم الماضي في صفقة تاريخية، يواصل إثبات أنه كان الاستثمار الصحيح. هدفان آخران أمام هامبورغ يرفعان رصيده إلى ثمانية أهداف عبر جميع البطولات هذا الموسم – الدوري الألماني، كأس ألمانيا، والسوبر الألماني. رقم استثنائي لبداية موسم، خاصة من لاعب أنهى الموسم الماضي بقوة وبدأ الجديد بنفس الوتيرة دون أي توقف.
كين يبدو وكأنه وُلد للعب في البوندسليجا. المساحات الواسعة التي يوفرها الدوري الألماني، الدفاعات التي تترك فجوات أثناء الضغط العالي، والخدمة الممتازة من الأجنحة – كل هذه العوامل تجعله في بيئته المثالية. قدرته على التموضع الذكي داخل المنطقة، إنهاؤه البارد للفرص، ومساهمته في صناعة اللعب جعلته أكثر من مجرد هداف – أصبح محوراً أساسياً في منظومة بايرن الهجومية.
بايرن يتصدر البوندسليجا حالياً بسجل مثالي من الانتصارات. الفريق لم يتعثر حتى الآن، ويبدو منسجماً تكتيكياً تحت قيادة مدربه. الدفاع صلب، الوسط يسيطر على إيقاع المباريات، والهجوم متفجر ولا يرحم. هذا التوازن بين الخطوط الثلاثة هو ما يجعل بايرن مرشحاً حقيقياً للقب الأوروبي هذا الموسم.
الطموح واضح – العودة إلى عرش أوروبا بعد سنوات من الإخفاقات المؤلمة في الأدوار النهائية. بايرن خرج من نصف النهائي موسمين متتاليين بطريقة مؤلمة، وهذا الجرح لا يزال نازفاً في ذاكرة الجماهير والإدارة. الآن، مع تشكيلة متكاملة وهداف بمستوى كين، الفرصة سانحة لتصحيح الأخطاء السابقة.
على الجانب الآخر، الصورة مختلفة تماماً. تشيلسي يصل إلى ميونخ في حالة معنوية أقل بكثير من خصمه. التعادل المؤلم أمام برينتفورد في الجولة الأخيرة من البريميرليغ ترك ندوباً عميقة – الفوز كان في الجيب، الثلاث نقاط كانت محسومة، لكن هدف فابيو كارفاليو في الدقيقة 93 جعل كل شيء يتبخر في ثوانٍ.
الطريقة التي فقد بها تشيلسي النقطتين كانت الأسوأ ممكنة. ليس فقط لأنها جاءت في آخر لحظة، بل لأنها عكست هشاشة دفاعية وعدم قدرة على إدارة المباريات في اللحظات الحاسمة. هذا النوع من الأخطاء قد يكلف الفريق غالياً على المدى الطويل، سواء محلياً أو قارياً.
المركز الخامس في البريميرليغ برصيد انتصارين وتعادلين – رقم متواضع لنادٍ بحجم وطموحات تشيلسي. الضغط يتزايد على الطاقم الفني والإدارة، والجماهير بدأت تفقد الصبر. الاستثمارات الضخمة التي ضُخت في الفريق خلال الفترات الأخيرة لم تترجم حتى الآن إلى نتائج مقنعة، والتوقعات كانت أعلى بكثير من الواقع الحالي.
المباراة الأوروبية أمام بايرن قد تكون فرصة ذهبية لتشيلسي للهروب من الضغط المحلي وإعادة بناء الثقة. لكنها أيضاً قد تكون فخاً يعمق الجراح إذا جاءت النتيجة سلبية بشكل كبير. الخروج من ميونخ بخسارة ثقيلة سيزيد الشكوك حول قدرة الفريق على المنافسة على المستويين المحلي والقاري.
الفارق الواضح في الجاهزية والزخم
المقارنة بين الفريقين قبل المباراة تميل بوضوح لصالح بايرن. الفريق الألماني يلعب على أرضه أمام جماهيره، في قمة جاهزيته البدنية والمعنوية، مع هداف في حالة تهديفية رهيبة، وبثقة عالية بعد سلسلة انتصارات متتالية. كل المؤشرات تقول إن بايرن هو المرشح الأوضح للفوز.
تشيلسي، بالمقابل، يأتي من تعادل مخيب أفسد معنويات الفريق، بثقة متزعزعة، وأداء محلي لا يطمئن أحداً. الفريق يحتاج لمعجزة تكتيكية ومعنوية لمواجهة العاصفة البافارية في عقر دارها.
لكن كرة القدم، كما نعرف جميعاً، لا تُلعب على الورق. دوري الأبطال مليء بالمفاجآت والسيناريوهات غير المتوقعة. تشيلسي نادٍ يعرف تماماً كيف يلعب في المحافل الأوروبية – رفع اللقب عام 2021 بطريقة لم يتوقعها أحد، وأثبت مراراً أن الأداء المحلي المتواضع لا يعني بالضرورة فشلاً في أوروبا.
التاريخ الأوروبي لتشيلسي حافل بالانتصارات الكبيرة أمام أقوى الفرق في أصعب الظروف. هذا النادي يملك عقلية فولاذية في المباريات الكبيرة، وقدرة على التحول لفريق مختلف تماماً عندما تشتد الأمور. ربما الضغط المحلي سيدفع اللاعبين لتقديم أفضل ما لديهم في ميونخ.
أحد المحاور الأساسية في هذه المباراة سيكون المواجهة بين هاري كين ودفاع تشيلسي. الهداف الإنجليزي في حالة تهديفية استثنائية، وقدرته على إيجاد المساحات وإنهاء أي فرصة تصله تجعله الخطر الأكبر على مرمى البلوز.
دفاع تشيلسي، الذي تلقى هدفاً في الدقيقة 93 أمام برينتفورد، يحتاج لأداء خالٍ من الأخطاء. أي خطأ صغير، أي تركيز لحظي ضعيف، سيستغله كين بلا رحمة. المدافعون سيكونون تحت ضغط هائل طوال التسعين دقيقة، خاصة مع الخدمة الممتازة التي يوفرها أجنحة بايرن.
موعد مع التاريخ في بودابست
هذه المباراة ليست سوى الخطوة الأولى في رحلة طويلة وشاقة نحو النهائي المقرر إقامته في 30 مايو 2026 على أرض ملعب بوشكاش أرينا في العاصمة المجرية بودابست. الطريق طويل، والمنافسة ستكون شرسة من جميع الأطراف.
النظام الجديد لدوري الأبطال، الذي يعتمد على مرحلة دوري موسعة قبل الأدوار الإقصائية، يعني أن كل نقطة ستحمل وزناً كبيراً. الفرق التي ستبدأ بقوة ستحصل على أفضلية نفسية ومركز أفضل في الترتيب، بينما العثرات المبكرة قد تكلف غالياً لاحقاً.
بايرن يريد العودة للعرش الأوروبي بعد سنوات من الإحباط والإخفاقات المتكررة في المراحل النهائية. تشيلسي يريد إثبات أن تعثره المحلي لا يعني شيئاً عندما يتعلق الأمر بالمسرح القاري الكبير. طموحات ضخمة من الطرفين، لكن واحداً فقط سيخرج من ميونخ بثلاث نقاط ثمينة تضعه على المسار الصحيح.
التفاصيل واضحة: الأربعاء 17 سبتمبر، السابعة مساءً بتوقيت جرينيتش، الأليانز أرينا في ميونخ، الجولة الافتتاحية لمرحلة الدوري. مباراة واحدة، لكنها قد ترسم ملامح مشوار كامل في البطولة الأغلى والأصعب.
البافاري جاهز بكل المقاييس، واللندني يبحث عن معجزة صغيرة لإفساد الحفلة. الملعب وحده سيحكم على من سيبدأ حملته الأوروبية بالطريقة الصحيحة.


