ليلة فارقة تعيد رسم خريطة التأهل الآسيوي
مساء الثلاثاء شهد حسم مبكراً لصراع التأهل المباشر في المجموعتين الأولى والثانية من الدور الرابع للتصفيات الآسيوية. قطر والسعودية، العملاقان الخليجيان، ضمنا رسمياً وجودهما في نهائيات كأس العالم 2026 التي ستستضيفها الولايات المتحدة والمكسيك وكندا.
العنابي القطري تغلب على الإمارات 2-1 في مواجهة ملتهبة، بينما اكتفى الأخضر السعودي بتعادل سلبي أمام العراق على ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية بجدة. النتيجتان كانتا كافيتين لحسم الصدارة والتأهل المباشر قبل الجولة الأخيرة.
قطر تكتب التاريخ بعد صدمة 2022
للمرة الأولى في تاريخها، تتأهل قطر لكأس العالم عبر بوابة التصفيات. الإنجاز يحمل مذاقاً خاصاً بعد التجربة المريرة في مونديال 2022، حيث خرج المنتخب القطري من دور المجموعات بثلاث هزائم متتالية رغم استضافته للبطولة.
المدرب الإسباني خولين لوبيتيغي، الذي تولى المهمة مؤخراً، لم يخفِ فرحته العارمة: “أمر مذهل، يوم لا يُصدق. أعتقد أن هذا واحد من أفضل الأيام في مسيرتي. اليوم حققنا إنجازاً كبيراً علينا الاستمتاع به.”
لوبيتيغي نفسه يعيش فرصة تعويضية ثمينة، فقد حُرم من قيادة إسبانيا في مونديال 2018 بعد إقالته قبل يومين فقط من انطلاق البطولة بسبب قبوله تدريب ريال مدريد. الآن، يعود للساحة العالمية حاملاً آمال أمة خليجية صغيرة لكن طموحة.
مواجهة نارية مع الإمارات تحسم المصير
المباراة أمام الإمارات لم تكن مجرد لقاء عادي. كانت معركة بقاء للطرفين، حيث الخاسر يدخل نفق الملاحق المرهق، والفائز يحجز تذكرة العبور المباشر.
الشوط الأول مر بحذر تكتيكي من الطرفين، رغم أن محمد المناعي كاد يفتح التسجيل للعنابي في الدقيقة 30 بكرة رأسية مرت بجوار القائم. الحظ لم يحالف المهاجم القطري، لكن الصبر كان فضيلة.
بعد دقيقتين فقط من بداية الشوط الثاني، كسر طارق خوخي الجمود بكرة رأسية رائعة من ركلة حرة نفذها أكرم عفيف، متجاوزاً حارس الإمارات خالد عيسى. الهدف أشعل حماس الجماهير القطرية وأعطى الفريق دفعة معنوية هائلة.
عفيف الصانع الأول وبيدرو ميغيل يؤمن الحسم
في الدقيقة 73، عاد أكرم عفيف ليصنع الفارق مجدداً. النجم القطري الأبرز أرسل عرضية مثالية من الجهة اليسرى، استغلها البرتغالي بيدرو ميغيل برأسية قوية في الزاوية البعيدة، معلناً الهدف الثاني.
لكن الدراما لم تنتهِ. طرد طارق سلمان في الدقيقة 87 بعد بطاقة حمراء مباشرة أعاد التوتر للمباراة. الإمارات، التي كانت بحاجة للتعادل فقط للتأهل، شنت هجوماً شرساً في الدقائق الإضافية الخمسة عشر.
في الدقيقة الثامنة من الوقت بدل الضائع، نجح سلطان عادل في تقليص الفارق بتسديدة قوية من داخل المنطقة، مشعلاً الأمل الإماراتي. السبع دقائق المتبقية كانت عبارة عن حصار إماراتي متواصل، لكن الدفاع القطري صمد بعشرة لاعبين ليطلق صافرة النهاية إيذاناً بتحقيق الحلم.
السعودية تضمن المقعد السابع بحكمة تكتيكية
على بُعد مئات الكيلومترات في جدة، كان الأخضر السعودي يخوض معركة من نوع آخر. التعادل السلبي أمام العراق كان كافياً لحسم صدارة المجموعة الثانية، وهذا بالضبط ما حدث.
المنتخب السعودي سيطر على مجريات اللقاء بنسبة استحواذ عالية، لكن الحذر الواضح منع المغامرة الزائدة. الفرص كانت محدودة من الطرفين، والنتيجة عكست رغبة الأخضر في عدم المخاطرة بنتيجة كانت تضمن له التأهل.
هذه ستكون المشاركة السابعة للسعودية في نهائيات كأس العالم، مما يعزز مكانتها كأحد أبرز المنتخبات الآسيوية تاريخياً. الإنجاز يأتي أيضاً كتحضير مثالي للاستضافة المرتقبة لمونديال 2034 الذي منحته الفيفا للمملكة.
العراق يفوت فرصة تاريخية
الخاسر الأكبر من ليلة الثلاثاء كان العراق، الذي كان انتصاره على السعودية سيمنحه التأهل المباشر الأول منذ مونديال المكسيك 1986. أسود الرافدين دفعوا ثمن عدم قدرتهم على اختراق الدفاع السعودي المنظم.
الآن، ينتظر العراق مواجهة الملحق في نوفمبر المقبل أمام الإمارات، الوصيف الثاني في المجموعة الأولى. الفائز من هذه المواجهة سيواجه منتخباً من قارة أخرى للحصول على فرصة أخيرة للتأهل.
عُمان تودع الحلم مبكراً
المنتخب العماني كان الخاسر الأكبر في المجموعة الأولى بعد احتلاله المركز الثالث. الأحمر العماني، رغم تقديمه مستويات جيدة في بعض المباريات، فشل في الحفاظ على الاستمرارية المطلوبة للمنافسة على أحد المقعدين الأوليين.
الإقصاء المبكر يعني غياباً جديداً لعُمان عن النهائيات العالمية، في استمرار لسلسلة من الإخفاقات في الوصول للمونديال رغم التطور الملحوظ للكرة العمانية في السنوات الأخيرة.
اليابان وكوريا تواصلان التحضيرات بانتصارات ودية
بعيداً عن حسم التأهل، المنتخبان الآسيويان العملاقان اللذان ضمنا مقعديهما مسبقاً واصلا الاستعداد بمواجهات ودية أمام منتخبات أمريكا الجنوبية.
اليابان حققت إنجازاً تاريخياً بالفوز على البرازيل للمرة الأولى في تاريخها. الساموراي الياباني قلب تأخره بهدفين إلى فوز مثير 3-2 في طوكيو، بفضل هدف الحسم لـ أياسي أويدا بالرأس في الدقيقة 71.
كوريا الجنوبية بدورها تغلبت على باراغواي 2-0 في سيول، مواصلة سلسلة نتائجها الإيجابية تحت قيادة مدربها الجديد ضمن خطة طموحة للمنافسة بقوة في المونديال المقبل.