كيفو يرفض التضحية بسومير: “لن أستسلم لضغوط الجماهير”
العاصفة تهب بقوة على سان سيرو. يان سومير، الحارس السويسري البالغ 35 عاماً، يواجه أقسى فترات مسيرته مع إنتر ميلان. أخطاء واضحة أمام يوفنتوس، انتقادات إعلامية لاذعة، ومطالبات جماهيرية بإشراك البديل الإسباني جوزيب مارتينيز. لكن كريستيان كيفو، المدرب الروماني، وقف كالصخرة: “الحديث عن تغيير حارس المرمى لم يخطر على بالي أبداً.”
موقف المبادئ في وجه الضغوط
المؤتمر الصحفي قبل مواجهة أياكس في دوري الأبطال كان اختباراً حقيقياً لشخصية كيفو. الصحافة الإيطالية كانت تتوقع إعلان تغيير الحارس، الجماهير كانت تطالب بمارتينيز، والضغط كان في أعلى مستوياته. لكن كيفو اختار طريقاً مختلفاً تماماً.
“وضع سومير في دائرة الضوء السلبية وإلقاء الحجارة عليه من كل الجهات ليس عدلاً”، قال المدرب بنبرة حازمة. ليست مجرد كلمات دبلوماسية – بل موقف واضح من مدرب يرفض اتخاذ القرارات تحت وطأة الضغوط الخارجية.
كيفو ذكّر الجميع بإنجازات سومير في الموسم السابق، خاصة في دوري الأبطال أمام برشلونة. الحارس السويسري لم يكن دائماً مصدر الأخطاء – بل كان بطلاً في مواجهات حاسمة. هذا التاريخ، في نظر كيفو، لا يُمحى بسبب مباراة سيئة واحدة.
فلسفة الدعم في وقت المحنة
ما يميز موقف كيفو هو البعد الإنساني العميق. في عالم كرة القدم الحديث، حيث اللاعبون يُستبدلون بسرعة عند أول خطأ، يقف المدرب الروماني كمثال على الوفاء والثقة.
“احترامي كبير لبيبو مارتينيز، وسيأتي دوره عاجلاً أم آجلاً”، أضاف كيفو. لم ينكر قيمة البديل، لكنه رفض بوضوح فكرة التضحية بسومير لمجرد إرضاء الأصوات الغاضبة.
هذا النوع من الدعم يرسل رسالة قوية لجميع لاعبي الفريق: المدرب لن يتخلى عنكم في اللحظات الصعبة. الثقة والولاء ليسا شعارات فارغة، بل قيم حقيقية يعمل بها.
في الوقت نفسه، هناك بعد تكتيكي للقرار. تغيير الحارس قبل مباراة حاسمة في دوري الأبطال قد يرسل رسالة سلبية للفريق كله – رسالة تقول إن الأخطاء لا تُغتفر، وإن الضغط الخارجي أقوى من قناعة المدرب. كيفو أراد تجنب هذا السيناريو.
مارتينيز ينتظر دوره… لكن ليس الآن
جوزيب مارتينيز، الحارس الإسباني، يجلس على المقاعد البديلة منذ بداية الموسم. موهبة شابة، قدرات واعدة، وجماهير تطالب بمنحه الفرصة. لكن كيفو واضح: التوقيت ليس مناسباً.
التقارير تشير إلى أن عقد سومير ينتهي آخر الموسم، وإنتر مستعد لتجديده فقط إذا قبل دور البديل. هذا يضيف طبقة إضافية من التعقيد – إذا لعب مارتينيز الآن وأبدع، قد يصبح من المستحيل إعادة سومير للتشكيلة الأساسية.
كيفو يدير معادلة دقيقة: الحفاظ على ثقة الحارس الحالي، دون تجاهل البديل الواعد، ودون الاستسلام للضغوط الخارجية. مهمة ليست سهلة أبداً.
التحدي الأمستردامي: عودة لذكريات قديمة
المواجهة ضد أياكس في أمستردام تحمل بُعداً عاطفياً خاصاً لكيفو. المدرب الروماني لعب في صفوف أياكس قبل انتقاله لإيطاليا، ويعرف الأجواء والملعب وطموحات النادي الهولندي جيداً.
“أعرف الأجواء والملعب وطموحات أياكس”، قال كيفو. “أتوقع مباراة صعبة، وسيحاولون الضغط بقوة للفوز.”
هذه المعرفة العميقة بالخصم قد تكون سلاحاً مهماً. لكن السؤال الأكبر يبقى: هل سومير سيثبت أن ثقة مدربه في محلها؟ أم أن خطأ آخر سيجبر كيفو على إعادة النظر في موقفه؟
يوهان كرويف أرينا ستكون الشاهد الأول. ملعب تاريخي، أجواء أوروبية ساخنة، وحارس تحت الضغط الأكبر في مسيرته. الاختبار لن يكون سهلاً.
الضغوط تتزايد على كيفو أيضاً
المدرب نفسه ليس بعيداً عن دائرة الضوء السلبية. بداية متذبذبة للموسم – فوز كبير 5-0 على تورينو، ثم خسارة أمام أودينيزي ويوفنتوس. النتائج المتناقضة جعلت بعض وسائل الإعلام تشكك في قدراته.
لكن كيفو يبدو غير مبالٍ. “لا أفكر في نفسي بل في الفريق فقط”، قال بثقة. المدرب يعتقد أن مشكلة إنتر في النتائج وليس في الأداء – تشخيص قد يكون صحيحاً أو قد يكون مجرد تبرير.
الحقيقة أن كيفو يخوض معركة على جبهتين: إثبات نفسه كمدرب قادر على قيادة إنتر، وفي نفس الوقت الدفاع عن لاعبيه ضد الانتقادات. مهمة مزدوجة تتطلب شخصية قوية ورؤية واضحة.
الرهان على الإنسانية قبل التكتيك
في النهاية، قرار كيفو بالاستمرار مع سومير يتجاوز الحسابات التكتيكية. إنه رهان على أن الثقة والدعم النفسي أهم من التضحية السريعة. في رياضة تعتمد على الثقة والمعنويات بقدر اعتمادها على المهارة، هذا الرهان قد يكون الأصح.
لكن كرة القدم لا تعترف بالنوايا الحسنة. النتائج وحدها تحكم. إذا ارتكب سومير خطأً آخر في أمستردام، الضغوط ستتضاعف وقد يُجبر كيفو على تغيير موقفه. وإذا أبدع الحارس وحافظ على نظافة شباكه، سيثبت المدرب أن حدسه كان صائباً.


