مارسيليا تخطف بنجامين بافار في اللحظات الأخيرة

مارسيليا تخطف بنجامين بافار في اللحظات الأخيرة

بافار يعود للدوري الفرنسي: مارسيليا يضم بطل العالم في صفقة الدقائق الأخيرة

أولمبيك مارسيليا أنهى الميركاتو بصفقة مدوية لم يتوقعها الكثيرون. بنجامين بافار، المدافع الدولي وبطل كأس العالم 2018، انضم رسمياً للنادي المرسيلي قادماً من إنتر ميلان بصيغة إعارة مدفوعة مع خيار شراء محدد بـ15 مليون يورو. صفقة جاءت في اللحظات الأخيرة من سوق الانتقالات، لكنها تحمل أبعاداً فنية ورمزية مهمة لطموحات النادي الجنوبي هذا الموسم.

توقيع استثنائي من قلب معسكر المنتخب

المشهد كان غير معتاد بكل المقاييس. بافار (29 عاماً) أتم التوقيع من كليرفونتين، المركز التدريبي للمنتخب الفرنسي، بسبب ضيق الوقت في الساعات الأخيرة من نافذة الانتقالات الصيفية. التفاصيل اللوجستية فرضت هذا الحل غير التقليدي، حيث كان اللاعب متواجداً مع منتخب بلاده استعداداً لمباريات قادمة، ولم يكن هناك متسع من الوقت للعودة إلى مارسيليا لإتمام الإجراءات.

هذه العودة تمثل أول ظهور لبافار في الليغ 1 منذ عام 2016 عندما لعب موسماً واحداً فقط مع ليل قبل مغادرته نحو شتوتغارت الألماني. تسع سنوات كاملة قضاها المدافع الفرنسي بعيداً عن أرضه، يتنقل بين أقوى الدوريات الأوروبية ويجمع الخبرات والألقاب.

رحلة أوروبية حافلة بالإنجازات

المسار الكروي لبافار منذ مغادرة فرنسا كان استثنائياً بكل المعايير. ثلاثة مواسم في شتوتغارت الألماني سمحت له بالتطور والنضج، قبل أن تلتقطه عين بايرن ميونخ العملاق البافاري. في ميونخ، قضى أربعة مواسم ذهبية حصد خلالها كل شيء تقريباً – ألقاب البوندسليجا المتتالية، كأس ألمانيا، ودوري أبطال أوروبا الذي توج به مسيرته مع النادي البافاري.

الخبرة التي اكتسبها في البوندسليجا، حيث الإيقاع السريع والضغط العالي، أضافت لأسلوب لعبه بُعداً جديداً. تعلم كيف يدافع تحت الضغط، وكيف يتعامل مع المهاجمين الأسرع في أوروبا، وكيف يساهم في بناء الهجمات من الخلف بأسلوب بايرن المميز.

انتقاله إلى إنتر ميلان عام 2023 فتح فصلاً جديداً في مسيرته. السيريا أ بأسلوبها التكتيكي العميق والانضباط الدفاعي الصارم تطلب منه تكييف لعبه مجدداً. الدوري الإيطالي علّمه الصبر، قراءة المباراة بذكاء أكبر، والتموضع الصحيح في اللحظات الحاسمة. مع الإنتر، واصل تطويره كمدافع شامل قادر على التكيف مع أي نظام تكتيكي.

ماذا يقدم بافار لمارسيليا؟

مارسيليا يحصل على مدافع متعدد الخيارات والمهام – يجيد اللعب كظهير أيمن بنفس الكفاءة التي يلعب بها في قلب الدفاع. هذه المرونة التكتيكية ذهبية بالنسبة لأي مدرب، خاصة في موسم طويل مليء بالمباريات عبر مختلف البطولات. إمكانية تبديل التشكيلة والخطط بحسب الخصم دون فقدان الجودة الدفاعية أمر لا يُقدر بثمن.

الخبرة الدولية التي يحملها بافار ليست مجرد أرقام في السيرة الذاتية. هذا لاعب خاض غمار دوري الأبطال في مراحله النهائية، لعب مباريات الكلاسيكو الأوروبية، ورفع كأس العالم مع منتخب بلاده. يعرف كيف يتعامل مع الضغط النفسي في المباريات الكبيرة، وكيف يحافظ على الهدوء عندما تشتد الأمور. هذا النوع من اللاعبين ينقل عقلية الفوز لبقية الفريق، خاصة اللاعبين الشباب الأقل خبرة.

من الناحية الفنية البحتة، بافار يتمتع بقراءة ممتازة للعب، قوة بدنية جيدة، وقدرة على المبارزات الفردية. ليس الأسرع، لكنه ذكي في التموضع ونادراً ما يُمسك في وضعيات خاطئة. إضافة لذلك، يملك تمريرات دقيقة من الخلف ويستطيع المساهمة في بناء اللعب – ميزة مهمة في كرة القدم الحديثة حيث المدافع لم يعد مجرد “مدمر” بل لاعب شامل.

الجانب المالي والإداري للصفقة

خيار الشراء المحدد بـ15 مليون يورو يمنح مارسيليا مرونة كبيرة في التخطيط المستقبلي. الإدارة ستراقب أداء اللاعب طوال الموسم، وبناءً على مساهمته الفعلية ومستواه البدني، ستقرر تفعيل بند الشراء أم لا. هذا النوع من الصفقات يقلل المخاطر المالية، خاصة مع لاعب في نهاية العشرينات.

المبلغ نفسه يبدو معقولاً جداً مقارنة بما قد يكلفه مدافع بنفس الخبرة والمستوى في السوق المفتوحة. 15 مليون يورو لبطل عالم سابق ولاعب رفع دوري الأبطال رقم لا يعتبر مبالغاً فيه، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار أن سنه لا يزال مناسباً لتقديم ثلاث أو أربع سنوات على مستوى جيد.

الإعارة المدفوعة تعني أن مارسيليا سيتحمل راتب اللاعب بالكامل خلال هذا الموسم، لكن دون الالتزام الفوري بدفع مبلغ الشراء الكامل. صيغة تمنح الطرفين – النادي واللاعب – فرصة للتعرف على بعضهما قبل الارتباط طويل الأمد.

عودة محسوبة إلى الوطن

بافار يعود لبلاده بعد غياب استمر تسع سنوات، وهذا البعد العاطفي لا يمكن إهماله. اللعب في الدوري الفرنسي مجدداً، أمام الجماهير المحلية وربما تحت أنظار ديدييه ديشان المدرب الوطني، يمنحه دافعاً إضافياً قد لا يتوفر في بطولة أخرى. الرغبة في الإثبات أمام أهله ومواطنيه قد تكون المحفز الذي يحتاجه لتقديم أفضل نسخة من نفسه.

التوقيت المتأخر للصفقة – في الساعات الأخيرة من الميركاتو – يعكس قدرة إدارة مارسيليا على التحرك سريعاً واغتنام الفرص المتاحة. لم تكن هذه صفقة مخططاً لها منذ بداية الصيف، بل فرصة سنحت في اللحظة الأخيرة واستغلها النادي بذكاء.

الأيام والأسابيع المقبلة ستكشف مدى سرعة اندماج بافار مع زملائه الجدد في مارسيليا، وتأثيره الفعلي على الأداء الدفاعي للفريق. لكن على الورق على الأقل، هذه صفقة منطقية من جميع الجوانب – فنياً ومالياً ونفسياً.