رون غورلاي خرج من مكاتب فالنسيا بعد ليلة طويلة من المفاوضات، وقرر أن يتحدث بصراحة. المدير التنفيذي لكرة القدم في النادي الأندلسي لم يخفِ شيئاً: السوق كان معقداً، صفقة عمر صادق فشلت، لكن الخطة البديلة كانت جاهزة منذ البداية.
واحد وعشرون انتقالاً. رقم ضخم لنادٍ واحد في سوق صيفي واحد. فالنسيا ضم ثمانية لاعبين جدد: أغيريزابالا، رابا، كوبيتي، أوغرينيتش، سانتاماريا، دانجوما، رمضاني، ولوكاس بيلتران. أضف إلى ذلك تجديد عقود ثلاثة من نجوم الأكاديمية: خافي غيرا، تاريغا، ودييغو لوبيز.
غورلاي لم يتردد في وصف السوق: “كان مطولاً ومعقداً. لم نتوقف عن العمل لحظة واحدة”. الرجل يعرف أن الأرقام تتحدث عن نفسها، وأن فالنسيا أنهى سوقاً نشطاً بكل المقاييس.
لكن السؤال الذي يشغل الجميع كان واضحاً: ماذا حدث مع عمر صادق، النجم النيجيري الذي كان قريباً جداً من ارتداء قميص الخفافيش؟
غورلاي لم يلف ولم يدر. قال بوضوح: “لم تكن هناك عقبات شخصية مع صادق بحد ذاته”. المشكلة لم تكن في اللاعب، بل في تعقيدات المفاوضات الثلاثية بين فالنسيا ونادي صادق واللاعب نفسه.
البداية كانت بعرض إعارة، ثم تطور الموقف إلى عرض انتقال نهائي. فالنسيا قدم ما وصفه غورلاي بـ”عرض ممتاز جداً”، لكن الطرف الآخر رفض. هنا انتهت القصة، ولم يكن هناك مجال للإصرار أكثر.
بيلتران كان الخطة “ب” الجاهزة
الذكاء في إدارة غورلاي لم يكن في محاولة إقناع صادق بالقوة، بل في الاستعداد المسبق للفشل. لوكاس بيلتران لم يكن خياراً طارئاً ظهر في اللحظات الأخيرة، بل كان ضمن القائمة منذ البداية.
غورلاي شرح الفرق بوضوح: “صادق مهاجم كلاسيكي بالمعنى التقليدي، بينما لاعبنا الجديد أقرب لـ’التسعة ونصف'”. بيلتران يتحرك بمرونة بين مركزي التسعة والعشرة، وهذا بالضبط ما يريده كارلوس كورشيران.
المدرب الإسباني كان جزءاً أساسياً من كل قرارات التعاقد. لم تكن هناك مفاجآت أو فرض أسماء من الإدارة دون استشارته. غورلاي أكد: “كارلوس شارك بعمق في كل قرارات التعاقد”. التنسيق بين الإدارة الفنية والإدارية كان واضحاً، وهذا ما يفسر التوازن في التعاقدات.
الخطة لم تكن عشوائية. غورلاي رفض فكرة الارتجال في اللحظات الأخيرة: “لدينا استراتيجية واضحة منذ وصولنا للنادي، نعرف المراكز التي تحتاج تعزيز”. الرجل يدير النادي بعقلية مؤسسية، بعيداً عن الفوضى التي عرفها فالنسيا في مواسم سابقة.
آخر يوم في السوق دائماً ما يكون معقداً، وغورلاي يعرف ذلك جيداً. لكنه لم يترك الأمور للصدفة. عندما فشلت صفقة صادق، كان البديل جاهزاً، والمدرب راضياً، والخطة سارت كما يجب.
سيرجي كانوس كان آخر الخارجين. غورلاي أكد رحيله بنبرة حاسمة: “نعم، سيرجي انتقل، وأعتقد أن هذه خطوة إيجابية له”. اللاعب لم يكن ضمن خطط كورشيران، والبقاء كان سيعني الجلوس على مقاعد الاحتياط لأشهر.
القرار كان تكتيكياً بحتاً، وليس شخصياً. غورلاي لا يخفي احترامه للاعب، لكنه يدرك أن كرة القدم الحديثة لا تترك مجالاً للعاطفة على حساب الخطة.
الآن، فالنسيا يملك تشكيلة متوازنة. ثمانية وجوه جديدة، تجديدات لنجوم الأكاديمية، وخروج من لم يعد مطلوباً. غورلاي راضٍ، كورشيران راضٍ، والملاك كيات ليم أعطى الضوء الأخضر لكل شيء.
السؤال الذي يبقى: هل ستترجم هذه الاستراتيجية المحكمة إلى نتائج على الملعب؟ الأوراق تبدو جيدة، والتخطيط كان دقيقاً، لكن الملعب وحده الحكم النهائي.
غورلاي يعرف أن الكلام لا يكفي. الجمهور الأندلسي يريد انتصارات، يريد فريقاً منافساً، يريد العودة إلى المستويات التي اعتاد عليها فالنسيا قبل سنوات الأزمات.
الموسم طويل، والتحديات كثيرة. لكن على الأقل، فالنسيا يبدأ بخطة واضحة، وإدارة تعرف ما تفعل، ومدرب يملك الأدوات التي طلبها. باقي القصة ستكتب على المستطيل الأخضر.


