حكيمي: ميندش أفضل ظهير أيسر بالعالم سيكبح جماح يامال

حكيمي: ميندش أفضل ظهير أيسر بالعالم سيكبح جماح يامال

المغربي يمنح زميله البرتغالي لقب الأفضل عالمياً

رفع أشرف حكيمي سقف التوقعات قبل المواجهة الأوروبية الكبرى بين باريس سان جيرمان وبرشلونة، معلناً ثقته المطلقة بقدرة زميله نونو ميندش على التعامل مع التحدي الأصعب: لامين يامال. الظهير المغربي لم يتردد في منح البرتغالي لقب “أفضل ظهير أيسر في العالم” خلال المؤتمر الصحفي الذي سبق المواجهة المرتقبة على ملعب مونتجويك الأولمبي.

“لامين ليس على جانبي، لكنه سيواجه أفضل ظهير أيسر في العالم في شخص نونو ميندش“، صرّح حكيمي بثقة لافتة. الدولي المغربي البالغ من العمر 26 عاماً يعرف جيداً حجم التحدي الذي ينتظر البرتغالي، لكنه لا يشك لحظة في قدرات زميله على التعامل مع الموهبة الإسبانية الاستثنائية.

حكيمي استند في تقييمه إلى مواجهات سابقة: “إنه قادر على إيقافه، كما فعل بالفعل، وكما أوقف مهاجمين آخرين بنفس أسلوب لامين في الماضي. إنه مستعد جيداً”. الإشارة الأوضح هنا لمواجهة دوري الأمم الأوروبية الأخيرة بين إسبانيا والبرتغال صيف 2024، حيث نجح ميندش في تحييد تأثير يامال بشكل ملحوظ، رغم أن الأخير كان قد أبلى بلاءً حسناً في مواجهة ربع النهائي الأوروبي موسم 2023-2024.

الذاكرة تعود لربع نهائي 2024

المواجهة بين الفريقين في ربع نهائي دوري الأبطال الأوروبي موسم 2023-2024 لا تزال حاضرة في الأذهان. يامال، الذي كان يبلغ 16 عاماً آنذاك، ترك بصمة واضحة في مباراة الذهاب بباريس التي انتهت بفوز البارسا 3-2. الموهبة الإسبانية صنعت هدف الافتتاح في مباراة الإياب قبل أن يُضطر لمغادرة الملعب بعد طرد رونالد أراوخو.

لكن الليلة الباريسية انتهت بانتصار ساحق 4-1 لأصحاب الأرض، وتأهل إلى الدور نصف النهائي. تلك الليلة المريرة لا تزال تؤرق برشلونة، وبيدري أكد في تصريحات سابقة يوم الثلاثاء أن الفريق الكتالوني يسعى للثأر من تلك الهزيمة المؤلمة.

ميندش في مباراتي ربع النهائي قدم أداءً متفاوتاً: عانى نسبياً في باريس لكنه كان أكثر سيطرة في برشلونة رغم النتيجة الثقيلة. هذا التباين يفسر حرص حكيمي على التأكيد أن المساعدة الجماعية ستكون حاضرة هذه المرة.

الفلسفة الدفاعية: لا مواجهات فردية

رغم ثقته بميندش، لم يغفل حكيمي أهمية الدعم الجماعي. “قوة فريقنا تكمن في المساعدة التي نقدمها لبعضنا البعض، لذا سنحاول مساعدة نونو وعدم تركه وجهاً لوجه لأننا نعرف القدرات التي يملكها لامين في تلك المواقف”.

هذا التصريح يكشف عن نضج تكتيكي واضح. حكيمي يدرك تماماً أن ترك ميندش في مواجهات فردية متكررة ضد يامال قد يكون انتحاراً تكتيكياً. الإسباني صاحب الـ18 عاماً يتفوق في المساحات الضيقة، يملك قدرة استثنائية على التخلص من المدافعين في المواجهات الفردية، وتمريراته القاتلة من الجهة اليمنى أصبحت علامة مسجلة.

التغطية الزونية بدلاً من الرجل لرجل

الإشارة الواضحة في كلام حكيمي تتجه نحو اعتماد نظام تغطية زونية. عندما يتقدم يامال بالكرة، لن يكون ميندش وحيداً في مواجهته. على الأرجح سيتراجع أحد لاعبي الوسط – ربما فابيان رويز أو وارن زائير-إيميري – لسد المساحات، بينما قد ينجرف حكيمي نفسه نحو الوسط لتقديم دعم إضافي عند الحاجة.

هذا النهج التكتيكي يتماشى مع فلسفة لويس إنريكي الذي يفضل الدفاع الجماعي المنظم على الاعتماد على البطولات الفردية. المدرب الإسباني في مانشستر سيتي سابقاً، وبرشلونة قبلها، بنى نجاحاته على أساس التعاون الدفاعي المتقن، وهو نفس النهج الذي يحاول غرسه في باريس.

الغيابات تُعيد رسم المعادلة الهجومية

غياب عثمان ديمبيلي، الحاصل على الكرة الذهبية الأفريقية، وديزيريه دوي وخفيتشا كفاراتسخيليا بسبب الإصابات يُلقي بثقل إضافي على أكتاف يامال. في الجانب الآخر، غياب رافينيا عن برشلونة يعني أن الجناح الإسباني سيتحمل المسؤولية الأكبر في الخطورة الهجومية.

ديمبيلي، الذي انتقل من برشلونة لباريس صيف 2023 مقابل 50 مليون يورو، كان سيشكل تحدياً مزدوجاً للبارسا: معرفته العميقة بأسلوب الفريق الكتالوني، وقدرته الاستثنائية على خلق الفرص من العدم. غيابه يُضعف الهجوم الباريسي لكنه يُركز الاهتمام الدفاعي لبرشلونة على محاور أخرى.

برادلي باركولا: البديل المنتظر

في ظل هذه الغيابات، يبرز برادلي باركولا كأحد الحلول الهجومية الرئيسية. الجناح الفرنسي الشاب سجل 8 أهداف وصنع 3 في 15 مباراة بجميع المسابقات هذا الموسم، مؤكداً أنه ليس مجرد بديل بل عنصر أساسي في المنظومة الهجومية.

باركولا البالغ من العمر 22 عاماً يملك سرعة خارقة ومراوغة فعالة، وإن كانت لا ترقى بعد لمستوى ديمبيلي أو كفاراتسخيليا. المواجهة مع برشلونة ستكون اختباراً حقيقياً لقدرته على التألق في الليالي الأوروبية الكبرى.

لويس إنريكي: العودة العاطفية لكامب نو الروح

المؤتمر الصحفي حمل لحظات عاطفية عندما تحدث لويس إنريكي عن عودته لبرشلونة. المدرب الإسباني قضى 8 سنوات كلاعب و6 سنوات كمدرب للفريق الاحتياطي ثم الأول، حاصداً 9 ألقاب من بينها دوري الأبطال 2015 والثلاثية التاريخية.

“أريد أن أشكر رئيس باريس سان جيرمان على هذه البادرة المذهلة، بالتبرع بأموال قمصان اللاعبين لمؤسسة شانا”، صرّح لويس إنريكي بامتنان واضح. المؤسسة التي تحمل اسم ابنته الراحلة شانا تعمل على جمع الأموال لمساعدة الأطفال المرضى، وقمصان باريس ستحمل شعار المؤسسة وستُباع في مزاد خيري بعد المباراة.

الملعب الأولمبي: ذكريات 1992

“العودة لبرشلونة دائماً مميزة وجميلة. إنه بيتي، حيث قضيت جزءاً كبيراً من مسيرتي. ليس كامب نو، لكنه ملعب تربطني به ذكريات رائعة، مثل افتتاح الألعاب الأولمبية 1992 الذي حضرته”.

لويس إنريكي كان ضمن المنتخب الأولمبي الإسباني الذي حصد الذهبية في برشلونة 1992، في واحدة من أبرز إنجازات كرة القدم الإسبانية قبل عصر الهيمنة 2008-2012. الملعب الأولمبي يحمل له ذكريات شخصية ووطنية عميقة، ما يجعل المواجهة أكثر خصوصية.

“لا أستطيع قول شيء سيئ واحد عن برشلونة. أنا ممتن إلى الأبد. لكنني محترف غداً”، اختتم بنبرة حاسمة. الرسالة واضحة: العواطف على جانب، والاحترافية والرغبة في الفوز على جانب آخر.

بيدري هاري بوتر: المزاح الذي يخفي القلق

عندما سُئل لويس إنريكي عن تصريحات بيدري حول الثأر، رفض الرد المباشر واختار أسلوب المزاح: “أعرف بيدري جيداً. إنه لاعب مذهل وأنا سعيد برؤيته يلعب بهذا المستوى. أعتقد أنه يعرفني جيداً أيضاً من المنتخب”.

ثم أضاف الجزء الأطرف: “بالنسبة لي، هو هاري بوتر. أتمنى فقط ألا يحضر عصاه السحرية. سنحاول إبقاءه على الهامش قدر الإمكان، لكن الأمر ليس متعلقاً به فقط، بل أيضاً بفرينكي دي يونغ، وباو كوبارسي، ولامين يامال”.

الاحترام المُقنّع بالمزاح

هذا المزاج الخفيف يخفي احتراماً عميقاً وقلقاً تكتيكياً حقيقياً. بيدري تحت قيادة لويس إنريكي في المنتخب الإسباني وصل لنصف نهائي يورو 2020 وحصد لقب أفضل لاعب شاب في البطولة. المدرب يعرف بالضبط ما يمكن أن يفعله لاعب الوسط عندما يكون في يومه.

بيدري هذا الموسم استعاد مستواه بعد فترة من الإصابات المتكررة. سجل 3 أهداف وصنع 5 في 12 مباراة بجميع المسابقات، لكن الأهم من الأرقام هو تأثيره على إيقاع اللعب. قدرته على الاحتفاظ بالكرة تحت الضغط، ورؤيته التكتيكية العالية، وتمريراته العمودية الذكية تجعله المحرك الحقيقي لبرشلونة.

الغيابات والشكوك: صداع لويس إنريكي

إلى جانب الثلاثي الهجومي المصاب، يغيب ماركينيوس، القائد والعمود الفقري للدفاع البارسي. غياب البرازيلي يُضعف الخط الخلفي بشكل واضح، خاصة في القراءة التكتيكية والقيادة الميدانية. ويلان باريديس أو ميلان سكرينيار سيحلان مكانه، لكن الفارق في الخبرة والتأثير واضح.

أما فيتينيا وجواو نيفيش، فقد تدربا مع الفريق في الملعب الأولمبي يوم الأربعاء، لكن لويس إنريكي سيتخذ قراراً نهائياً بشأن مشاركتهما قبل المباراة بساعات. البرتغاليان يشكلان ثنائي الوسط المفضل للمدرب الإسباني، وغيابهما معاً سيُجبره على إعادة ترتيب الأوراق بالكامل.

فابيان رويز: الحل الجاهز

في حال غياب أحدهما أو كليهما، يبرز فابيان رويز كبديل طبيعي. الإسباني السابق في نابولي يملك خبرة واسعة في المباريات الكبرى، وقدرته على التحكم في إيقاع اللعب من الوسط تجعله خياراً موثوقاً. لكن غياب الثنائي البرتغالي معاً سيُضعف الديناميكية والقدرة على الضغط المرتفع، عنصران أساسيان في فلسفة لويس إنريكي.

التحدي التكتيكي: ثلاثي برشلونة المرعب

لويس إنريكي حدد بوضوح اللاعبين الذين يشكلون أكبر تهديد: “إنه تحفيز لنا للتغلب على فريق جيد جداً بالكرة وبدونها. هذا ما تُظهره النتائج التي حققوها الموسم الماضي وما يفعلونه بشكل رائع هذا العام“.

دي يونغ عاد من إصابة طويلة وبدأ يستعيد مستواه تدريجياً. الهولندي يوفر العمق والتنوع في الوسط، قادر على التقدم بالكرة، كسر الخطوط، والمساهمة دفاعياً. وجوده يمنح برشلونة بُعداً إضافياً في الانتقال من الدفاع للهجوم.

كوبارسي، المدافع الشاب صاحب الـ17 عاماً، أصبح أساسياً في دفاع برشلونة رغم صغر سنه. هدوءه غير الطبيعي في التعامل مع الضغط، قدرته على اللعب بقدمين، وذكاءه التكتيكي جعلته أحد أبرز المواهب الدفاعية في أوروبا.

يامال: التهديد الأكبر

لكن يبقى يامال التحدي الأكبر. الموهبة الإسبانية صاحبة الـ18 عاماً سجلت 6 أهداف وصنعت 9 في 16 مباراة بجميع المسابقات هذا الموسم، أرقام استثنائية لجناح في هذا العمر. قدرته على التخلص من المدافعين، دقة تمريراته العرضية، وذكاءه في اختيار التوقيت المناسب للتمرير أو التسديد تجعله أخطر لاعب في التشكيلة الكتالونية حالياً.

مواجهة ميندش-يامال ستكون المعركة الفردية الأبرز في الملعب. البرتغالي يحتاج لأفضل أداء في مسيرته لتبرير ثقة حكيمي ولقب “الأفضل في العالم” الذي منحه إياه. أي تراخٍ أو خطأ واحد قد يُكلف باريس غالياً أمام موهبة بحجم يامال.